بحث هذه المدونة الإلكترونية

التسميات

الخميس، 30 ديسمبر 2010

موارد مصر المائية وعلاقاتها بالتنمية الزراعية

موارد المياه الحالية في مصر منها المحلية و نقصد بها المياه الجوفية في كلا من الصحراء الغربية وسيناء وأيضا مياه الأمطار وهى تسقط فقط في منطقة الساحل الشمالي في المنطقة التي تسمى بالقبعة و أخيرا المحاولات الحثيثة لتحليه المياه. ومنها أيضا المياه الواردة من خارج الحدود و اقصد بها مياه نهر النيل وان شئنا نطلق على ما سبق بالموارد المائية الأصلية .وبالتالي هناك ما يمكننا أن نطلق عليها موارد مائية فرعية وهي عبارة عن إعادة استخدام كلا من مياه الصرف الزراعي و مياه الصرف الصحي المعالج و الأولى تستخدم منفردة أو مخلوطة بالمياه العذبة في ري المزروعات و الثانية تستخدم في زراعة غابات الأشجار الخشبية فقط..
هذا عن الموارد المائية المصرية ,أما الاحتياجات فهي تتوزع بين الزراعة والصناعة و الاستخدامات المنزلية. وبين الموارد و الاحتياجات نستطيع أن نبين الموقف المائي المصري.
الموارد الحالية من المياه
موارد مائية أصلية
الموارد المائية في مصر
مياه نهر النيل 55,50 مليار م3 / سنة
مياه الأمطار 1,30 مليار م3 / سنة
مياه جوفية صحراوية 1,10 مليار م3 / سنة
تحلية المياه 0,50 مليار م3 / سنة
موارد مائية فرعية
مياه جوفية بالدلتا 6,40 مليار م3 / سنة
مياه الصرف الزراعي 5,7 مليار م3 / سنة
مياه الصرف الصحي المعالج 1,10 مليار م3 / سنة
----------------------------------------------------------
الاجمالى 71,50 مليار م3 / سنة

الاحتياجات الحالية من المياه
احتياجات الزراعة 58,65 مليار م3 / سنة
احتياجات الصناعة 7,80 مليار م3 / سنة
احتياجات منزلية 8,76 مليار م3 / سنة
---------------------------------------------------------------------------
الاجمالى 75,21 مليار م3 مكعب /سنة


وبمقارنة الإيرادات بالاحتياجات يمكننا أن نستبين الموقف المائي المصري , و مما سبق يتبين لنا أن أوضاع مصر المائية هي أوضاع حرجه للغاية, ولو أضفنا نسبة الفقد الكبيرة للغاية في مواردنا المائية والتي قد تتجاوز 50% في بعض التقديرات لنجد أن الموقف المائي المصري يحتاج إلى تدخلات كبرى للوصول إلى الأمان المائي. ومن هنا يمكننا القول أن مصر فقيرة مائيا وهو ما يخالف ما نعتقده ونتصرفه في حياتنا اليومية وهذا يؤثر على خطط التنمية الزراعية في مصر ويقلل من فرصنا للعمل على زيادة المساحة المنزرعة في مصر و هو ما يعرف بالتوسع الأفقي و بالتالي يلقى ظلالا من الشك على إمكانية الوصول إلى الاكتفاء الذاتي لكثير من المحاصيل الإستراتيجية التي ينادى بها الكثير من المصريين.
أن استخدامات الزراعة حاليا حوالي 95% من موارد مصر المائية ولأن أحد دعامات التنمية الزراعية هي التوسع الأفقي وهو زيادة المساحة المنزرعة لمواجهة الطلب على الغذاء أو للاستفادة من الكميات الزائدة من السلع الزراعية في التصدير.
وبالتالي فأنه يتحتم علينا في الفترة القادمة إعادة النظر في أسلوب استخدامنا للمياه في الزراعة الأمر الذي يصب في ضرورة تطوير منظومة الري في مصر وضرورة تحديد محاصيل معينة لزراعتها فى المناطق المختلفة وخاصة في الأراضي حديثة الاستصلاح والتوقف عن كثير من الممارسات الغير مسئولة في المياه مثل ملاعب الجولف التي تستهلك كميات كبيرة من المياه. كما أننا يجب التأكيد على خطورة البناء على الأراضي الزراعية في الوادي والدلتا و العمل على استصلاح مساحات بديلة من الأراضي الصحراوية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه.

جدول يوضح كمية المياه التي نستهلكها لإنتاج بعض السلع الزراعية
م
المحصول
كمية المياه المستهلكة مليار م3 مياه
1
السكر
3,5
2
الأرز
7,8
3
القمـح
4,7
4
الــذرة
5,9
5
اللحوم
10,9
الاجمالى
32,8

من الجدول السابق يتضح أن السلع الزراعية الخمس السابقة تستهلك 59,1 % من حصة مصر في مياه النيل مع الأخذ في الاعتبار أن كفاءة الري في مصر حوالي 51% طبقا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة وهذا يوضح انه يمكن توفير أكثر من 20 مليار متر مكعب فى حالة رفع كفاءة الري فقط.

الري
نقصد بالري بصفة عامة أنة عبارة عن عملية إضافة المياه إلي منطقة جذور النبات لتغطية احتياجاته اللازمة لنموه والحصول منه علي أعلي محصول أفضل وجودة. ويتم إمداد النباتات بالمياه أو إجراء عملية الري حاليا كالأتي:-
أولا الري التقليدي
ونقصد به الري السطحي العادي المعمول به في مصر منذ أن عرفت مصر الزراعة المنتظمة في أقدم العصور وحتى الآن وهو إضافة المياه علي سطح الأرض أما بغمر كامل وتام للمساحة المنزرعة كما يحدث في الري في الأحواض مثل ( محاصيل الحبوب و الأعلاف ... الخ ) أو غمر جزء من المساحة كما يحدث في الري في الخطوط مثل ( القطن – الذرة – القصب ).
ثانيا الري الحديث
ويقصد بها أساليب الري التي استخدمت في العصر الحديث للإقلال من إهدار المياه في عمليه الري وهى تنقسم إلى شكلين هما:-
· الري بالرش
وهو إضافة المياه من فوق سطح الأرض عن طريق ضخ المياه في شبكة من المواسير تنتهي بخروج المياه من فوهة الرشاش لتنتشر في الهواء ثم تتساقط علي سطح الأرض أوراق النباتات متشابهة للأمطار ومنها الثابت و المتحرك و المحورى0
· الري بالتنقيط
وهو إضافة المياه مباشرة إلي منطقة جذور النبات سواء من علي السطح أو من تحت السطح بشكل محكم ودقيق للغاية ويتم ذلك عن طريق ضخ المياه في شبكة من المواسير و الأنابيب البلاستيكية التي تنتهي بمنقطات تقع إلى جوار منطقة جذور النباتات وهى إما تقع فوق سطح الأرض أو تحت سطح الارض0
مشاكل الري التقليدي
سوء حالة شبكة الري الحالية وانخفاض كفاءة القنوات والمصارف وعدم انتظام حجم الأحواض 0
عدم استواء سطح الأرض داخل الحقل مما يسبب سوء توزيع المياه و الإسراف في الري وانخفاض كفاءة الري إلى 30-40% 0
الإدارة السيئة للري فالمزارع يميل إلى الري المتكرر مع الإسراف في المياه أي إضافة كميات كبيرة من المياه أثناء عملية الري أكبر بكثير من الاحتياجات الفعلية للنباتات مما يسبب مشاكل الملوحة وارتفاع مستوي الماء عن الأرض 0
مشاكل الري الحديث
قلة ميل المزارع التقليدي لاستخدامها لعدم اقتناعه بجدواها, وقلة وجود خبرة فنية لدى المزارعين لاستخدامها, أيضا ارتفاع تكلفة إنشاء الشبكات مما يكون له تأثير على الجدوى الاقتصادية للزراعة.
كيفية تحسين استخدامات المياه
ومن أهم الطرق لتحسين استخدام هذه المياه هو استخدام طريقة الري السطحي المطور أو ما يطلق عليه الري بين الخطوط وكذلك التوسع في طرق الري الحديثة وكذلك عند زراعة الصحراء أو في الأراضي حديثة الاستصلاح تتم زراعة محاصيل محددة قليلة في احتياجاتها المائية.
أهمية تحسين استخدامات المياه
بالنظر إلى أننا في مصر في حاجة ماسة إلى كميات إضافية من المياه علاوة على الموارد الحالية لكي نستخدمها في برامج التوسع الأفقي الزراعي وهو أمر حيوي لمواجهة زيادة الطلب على الغذاء الذي تضاعف بشكل كبير في السنوات الأخيرة نتيجة الزيادة المطردة في عدد السكان والتحسن النسبي في مستوى المعيشة, ولكن تواجهنا حقيقة أن الحصول على كميات إضافية من المياه أمر قد يشوبه الشكوك في المدى القريب على الأقل سواء من المياه المصرية الجوفية كونها غير متجددة أو الأمطار لأنه ليس بيدنا زيادة كميتها لأنها في يد الله سبحانه وتعالى, أما المياه القادمة من الخارج واقصد مياه النيل من غير المتوقع زيادة حصتنا منها في المدى المنظور. و بالتالي ليس أمامنا لتوفير المياه سوى تحسين استخدامات المياه في الزراعة وهنا تظهر أهمية تحسين استخدامات المياه في الري لأنها تساعد على توفير كميات كبيرة من المياه ربما تزيد عن 20 مليار متر مكعب سنويا على المدى القريب و ربما أكثر من ذلك في المدى البعيد.

المصدر: د احمد زكى ابو كنيز

الأحد، 26 ديسمبر 2010

علاقة مفاوضات جنوب السودان بحصة مصر من مياة النيل

استفتاء جنوب السودان ومياه النيل


 

د. أحمد زكي أبو كينيز:

في هذه الآونة كثر الحديث وتعاظم حول الاستفتاء المزمع إجراءه بعد اقل من عشرين يوما  لتقرير مصير شعب جنوب السودان سواء بالانفصال عن أو الاتحاد مع شمال السودان , وان كانت الشواهد كلها  تكاد تجزم أن الانفصال قادم لا محالة. و بدأ الحديث عن ترتيبات ما بعد الانفصال في كافة المجالات.

 

 و يهمنا هنا مناقشة تداعيات انفصال   جنوب السودان عن دولة السودان  الأم على  دول  حوض  نهر النيل. فهذا الانفصال المتوقع سوف يُحدث إشكاليات لدول حوض نهر النيل عامة والسودان ومصر خاصة في مسائل الحدود المائية والرعوية بجانب نصيب دولة الجنوب في المياه وما هي تأثيراته على دولتي المصب؟

 

 بادئ  ذي بدء  نقول أن  انفصال جنوب السودان  في دويلة سوف يأخذ معه 45 % من مساحة السودان التي تقع داخل حوض النيل ومعنى هذا ضياع أكثر من20  مليار متر مكعب مياه  في منطقة السدود والمستنقعات لان هذه المنطقة سوف تكون داخل حدود الدويلة الجديدة   وذلك لأن  حكومتي مصر و السودان خططتا معا لإدخال هذه المياه إلى مجرى النيل الأبيض ومنها إلى الشمال. في حين أن الدولية الجديدة تتمتع بوفرة الأمطار لديها بما يفي باحتياجاتها  تماما بل يزيد خاصة في سنوات الانفصال الأولى,  وبالتالي هي  بالقطع لن تهتم بالمياه الضائعة فى منطقة السدود والمستنقعات كما أنها لن تهتم باستكمال العمل في قناة جونقلى  تلك القناة التي لو اكتملت وبدأت العمل فسوف تضح حوالي 15 مليار متر مكعب من المياه إلى النيل الرئيسي تستفاد منها مصر و السودان مناصفة.

 

لكن حتى لو  اهتمت الدويلة المنفصلة في فترات لاحقة بالعمل على تجفيف المستنقعات وإدخال المياه منها إلى مجرى النيل الأبيض ربما تواجهها إشكاليات  تتعلق بأن هذه المساحات قد يتم اعتبارها أراضى رطبة  و الأراضي الرطبة يتزايد بها الاهتمام حاليا إلى درجة أن بعض الجهات و النشطاء البيئيين سيطالبون بتركها على حالها لانها بذلك تمثل ثروة بيولوجية دولية.

 

و ثانيا ما هو موقف الدويلة المنفصلة من اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل التي وقعت بين  حكومتي مصر و السودان عام  1959م ؟ ثم ما موقفها من حصة السودان من مياه نهر النيل  التي حددتها الاتفاقية آنذاك  وهى 18,5 مليار متر مكعب, هل سوف تحصل على جزء منها؟ أم تتنازل عنه لمصر و السودان ,,,,؟ علما بأن اتفاقية السلام الشامل  التي وقعت  عام 2005 في أبوجا بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية أغفلت الشأن المائي وتركته ضمن برتوكول قسمة السلطة وليس الثروة. ولعل هذا الأمر هو احد الإشكاليات التي أغفلت عن عمد لتعانى منها  حكومتي السودان و مصر   التي تركت السودان في تلك الفترة يواجه هذه المشاكل العاتية منفردا و لو تدخلت مصر لكان من ممكننا ان يتم تناول مسألة المياه  فى هذه الاتفاقية ولكن لم يعد هناك وقت للبكاء على اللبن المسكوب فهذا واقع علينا التعامل معه.

 

ثم أن هذه الدويلة  المنفصلة  سوف  تتجاور مع خمساً من دول حوض النيل هي السودان, إثيوبيا كينيا أوغندا والكنغو الديمقراطية وهنا تظهر إشكالية عدم وضوح الحدود المائية والرعوية وهو ما يخلق  جملة من المشاكل لهذه الدول معا. وهذه الدويلة إلى من سوف تنضم هل إلى دول المنبع أم إلى  دول المصب وما هو مواقفها من الاتفاقية الإطارية التي يدور حولها نقاشات وشد وجذب منذ ما يقرب من عام.

 

تلك هي مجموعة من الإشكاليات التي سوف تنجم عن انفصال جنوب السودان عن الدولة الأم  وسوف يكون لها تأثيرات سلبية  متعاظمة على علاقات الدويلة المنفصلة مع الدول الأخرى المجاورة  وأيضا سوف تحدث تجاذبات بينها و بين مجموعتي دول حوض نهر النيل و اقصد بها  دول المنبع و دول المصب كل مجموعة سوف تحاول ضمها.

 

 كل هذا قد ينجم عنه مجموعة من النزاعات ربما يطول أمدها أو يقصر وبالطبع سيكون تأثيره سلبيا على الاستدامة المائية و التعاون بين دول الحوض. أرجو أن لا أكون محقا في تشاؤمي.

 

الدكتور أحمد زكي أبو كينيز- أستاذ بمركز البحوث الزراعية- مصر.

رئيس الأتحاد النوعي للبيئة بأسوان جنوب مصر.